الاثنين، 1 أبريل 2013

احراق التراث الاسلامي




موضوع: الجلفة انفو
ألا لعنة الله عليكم، أيتها الوحوش البشرية
بما أن الفرد لا يعيش في هذا العالم بمفرده، ولا يستطيع أن يتجاهل ما يحدث حوله من أحداث، فقد تابعت مؤخرا كغيري من المتتبعين، شريطا وثائقيا أقض مضجعي لعدة ليالي، ذاك الشريط بثته قناة غربية ، وكان حول حرق المخطوطات في مكتبات مالي، فهذه المخطوطات هي التي كان لها الفضل بعد الله ، في دخول الكثير من قبائل الدول الإفريقية إلى الإسلام، وتعلمهم اللغة العربية وخروجهم من معيشة الجهل والهمج.

هذه المخطوطات التي تطلب تدوينها عقود من الزمن، مستعملين فيها كل الوسائل البدائية للحفاظ عليها من الضياع والتلف وهي التي من أجلها سهر عليها علماء أجلاء ، وتعبوا في جمع المراجع، وأفنوا أعمارهم في البحث ، في ظروف كان لا يوجد فيها، إلا القرطاس والقلم  ولا سماع بالتكنولوجيا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، استغرق المفكر مالك ابن نبي تسع سنوات ، لإعادة كتابة مخطوط بعنوان "الظاهرة القرآنية"، وهو المخطوط الذي كان قد تعرض للحرق. هذا في عهده غير البعيد، مقارنة بعهود خلت، لأننا قد نعيد بناء ما دُمر من سكن وعمران، لكننا لن نستطيع إعادة بناء الأفكار وتدوينها    مُستنطقين قبور من كتبوا تلك المخطوطات!!  

هذه الجريمة النكراء في حق البشرية والتاريخ، ارتكبتها جماعات من الوحوش البشرية والمرتزقة باسم الإسلام، وما أدراك ما الإسلام ! هذا الدين الحنيف ، دين السلام و التسامح والأخلاق الرفيعة، أصبح عنوانا لكل عمل إرهابي، لا فرق بين قتل النفس التي حرم الله المسّ بها وحتى ترويعها بكلمة ، ولا فرق بين حرق المخطوطات ، وهدم الآثار، وتشريد الضعفاء ، والاغتصاب والتعذيب، وزرع الفوضى، ومسببات الحياة الضنك ، في دول كانت تعيش في سلام وآمان. 

هي أعمال فاقت ما فعله المغول والتتار، بأرض الحضارات العراق الجريح! 

المتتبع للأحداث عبر العالم ، في السنوات التي سبقت ظهور هذه الجماعات ورغم الأزمات المالية ، ومشكل البطالة ، والفراغ الروحي عند فئام كبير من الشباب، لا يستطيع أن ينفي وجود الاستقرار الذي كنّا ننعم فيه، فما شهده وطننا المفدى، على مدى أكثر من عشرية ، لم يتخيله بشر، وحينها كان الناس لا يريدون إلا السلام  والاستقرار، لأنهم لم يتوقعوا يوما واحدا، أن تحبُل بعض بطون الأمهات الجزائريات ، وحوشا بشرية تقتل وتُنكل ببني جلدتها ، ولم تسلم من هذه الأفعال حتى الحيوانات !! وفي أغلب الأحيان بدون سبب معروف! هؤلاء الجاهلون بما قال الله عز وجل في الآية الكريمة:  مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...

أيتها الوحوش البشرية، ألم تفقهوا قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. وقوله: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ. وقوله: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ، وقوله : وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.  فهناك الكثير من الآيات الكريمة التي تدعو إلى النهي عن المنكر، وعدم ظلم الناس والتعدي على حدود الله .

إن ما تقومون به من أفعال همجية كان باسم الإسلام، والعالم كله شاهد كيف كانت تنسف قرى بمن فيها، لا فرق بين الصالح والطالح، وكيف كان يُقتل الناس الأبرياء أثناء تنقلهم في الحافلات، أو في سياراتهم، بدون ذنب، وليتهم عرفوا لماذا قُتلوا؟؟

سوف لن تكفي مجلدات، لو أردت سرد كل ما حصل وما يحصل، للحديث عن هذه الوحوش البشرية وما تفعله من فساد في الأرض باسم دين هو براء منهم، حيث شوّهوا صورتنا وجعلونا شبهة أينما ارتحلنا.

هؤلاء الذين لم يدرسوا السيرة النبوية الشريفة، وما فيها من حكمة وعِبر، يجهلون أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، كان مثالا لحسن التصرف حتى مع النصارى واليهود، ولم يعرفوا ما تعرض له من ظلم وقهر وإساءة من بني قومه وأهله ، ولما جاءته الفرصة للقصاص، قال لهم : (ما ترون أني فاعل بكم ، فقالوا له : أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء). ما أعظم هذه السماحة! ما أعظم حلم وتواضع رسولنا الكريم!

إن السيرة النبوية مليئة بالمواقف المشرفة، وبمعاني التسامح والإحسان إلى الآخر، ولو أساء إلينا، لكن تشبثنا بالقشور، وبُعدنا عن المضمون ، الذي فيه خلاص الأمة ، جعلنا لا نفرق بين الحق والباطل.

أتتجاهلون أيتها الوحوش البشرية، ما قاله الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)،: لهدم الكعبة ، أهون عند الله من ترويع نفس مؤمنة). هذه الكعبة وما أدراك ما الكعبة ! وهي بيت الله الحرام، وما تمثله من قيمة عند الله والرسول والمؤمنين، فهدمها أهون عند الله من الإساءة إلى النفس البشرية، أين أنتم من هذا الحديث ومثله كثير!!! 

أين أنتم مما قاله الرسول الكريم عن أبو سفيان ، فرغم أنه قد أساء إليه بكل الطرق وحاربه في رسالته ، إلا أنه لما جاءت الفرصة لأخذ حقه منه والانتقام، قال الرسول الكريم : من دخل دار أبو سفيان فهو آمن !! إنها قمة التسامح، حيث أراد أن يجعل له شأن بين قومه، حتى وهو في موقف ضعف وهوان، ولم يقل هذه فرصتي لأنتقم منه على ما فعله بي وبالمسلمين.

إنه الوجه الحقيقي للإسلام، وليس إسلام العنف والدمار والفساد في الأرض يا معشر المفسدين.

 لا ريب أنكم من جاء في حقه حديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): سيأتيكم في آخر الزمان، أناس حدثاء الأسنان (1)، سفهاء الأحلام، يدعونكم إلى كتاب الله، وقد نبذوه ورائهم ظهورهم، تتجارى بهم الأهواء ، كما يتجارى الكلَب (2) بصاحبه).

 لو كنتم على حق ، لنصركم الله  في أفغانستان، وفي الشيشان، وفي العراق، وفي الجزائر، وفي الفلبين، وفي اليمن، وحتى في نيجيريا، أو في مالي ،(ألاف المهجرين والمشردين بعد أن كانوا يعيشون في آمان) ، أي لم يكفهم الفقر والأمراض، فجلبتم لهم الحرب باسم الدين.

 لكنكم لستم على حق أيها المرتزقة، يا من استبحتم ما حرم الله، من اغتصاب، وتجارة المخدرات، وأعمال النهب والتدمير، وحتى الأموات لم يسلموا منكم، حيث دمرتم قبورهم التي لا تنفع ولا تضر، ولم تحاربكم ولم تظلمكم، كما تبررون أفعالكم الخبيثة.

أما في سوريا الجريحة ، التي تحاك ضدها مؤامرة تاريخية، وأنتم آلة الغرب في تنفيذها، باسم جماعة النصرة ,وغيرها من الألوية المسلحة، والغريب أنها مسماة باسم الصحابة، يا للعجب !! تقتلون الناس وتروعونهم باسم الإسلام والصحابة وكأن هذه رسالة الإسلام، وأنتم من دمر آثار الشام، وما أدراك ما الشام، الذي أوصى بها الرسول، وقال عليكم بالشام في أكثر من 10 أحاديث.

لقد تسببتم في جلب الغرب إلى الدول السابقة الذكر، وسهلتم عودة المستعمر الفرنسي، وقاعدة أفريكوم، إلى قارة إفريقيا، تحت غطاء طلب الحماية، وهاهم يشردونكم في الوديان والجبال ويقتلونكم تاركين جثثكم وجبة للحيوانات والزواحف، نظير ما قمتم به أيها الأوغاد !

أقول لكل من يؤيد أفعالكم، عليك بمقارنة بسيطة في تتبع الأحداث، والاطلاع على كيف كان الوضع في العالم، قبل ظهور هذه الوحوش البشرية، وكيف هو الآن ، أي بعد أن ظهروا باسم القاعدة وغير القاعدة ، وكل المسميات ، حتى أنهم جمعوا بين الدعوة والقتال!! وهل يمكن أن نجمع بين الدعوة والقتل!!

قبل ظهور هؤلاء، كانت أنظار المسلمين متجهة إلى القضية الفلسطينية ، وما يفعله اليهود بإخواننا الفلسطينيين ، أما منذ انتشار هذا الطاعون عبر العالم، فالحال نعيشه بمرارة في يومياتنا، بيد أن هؤلاء لا يوجدون في أروبا ، ولا أمريكا !!!  لأنهما تحضنان القواعد الخلفية واللوجيستية لهذه الوحوش البشرية.

ومما زاد في طغيان هذه الجماعات، هو مساعدة أغلب وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، في التشهير المجاني لأفعالهم، أو انجازاتهم كما يسمونها! ولو أن الإعلام يسكت مدة معينة، عما يقومون به لتغيرت المعطيات وتجاهلهم الناس.

أخيرا، أقول لكم، وأنا واحد من الذي حكمتم عليه بالإعدام في تسعينيات القرن الماضي، دون أن يسيء إليكم، سوف لن تذهبوا بعيدا، ولن تفلحوا، وإن مآلكم الزوال، والاندثار يا من أسئتم إلى الإسلام ، والإنسانية جمعاء، فمصيركم جهنم وبئس المصير.

1- الأسنان: جمع سن، و هو العمر.
2- الكلَب: مرض خطير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق